علّمتني السّنوات الأخيرة المتتابعة سراعًا ألاّ أضع أيّة قائمة بالأمنيات بداية أيّ عام، ليس فقط لأنّ النّظر إلى مثل هذه القائمة فيما بعد سيبدو مؤلمًا حيث لا شيء مما أكتبه يتحقق، ولكن لأنّي أتغيّر من الدّاخل بصورة سريعة وعنيفة لتصبح أمنية الأمس الملحّة سخفًا في الغد .

لم تكن لديّ أيّة قائمة للأمنيات عام ٢٠١٢، ربّما بدأته بحماس عمليّ وإنتاجيّ منقطعي النّظير لكنّي صدقًا تخلّيتُ عند بوابته عن كلّ حلم وأمنية وهدف، لم يكن سعيدًا إلى ذلك الحدّ لكنّه كان مجنونًا ومتخمًا – ربّما حمل لي من الأحداث وعلّمني ما يعادل ١٠ أعوام تقريبًا – .

والآن أمام بوّابة ٢٠١٣ لم تعد الأحلام خيارًا للأسف، إنّها تحاصرني وتضغط على روحي بشدّة من كلّ مكان، أريد وأريد وأريد، وكلّ تلك الـ”أريد” اللعينة تتعلّق بأمر واحد فقط: ألاّ أعيش في هذا المكان .

سيحدّثني النّاس عن الأمل، عن الإيجابية، عن الصّعوبات الّتي تحوّلنا إلى مبدعين، عن استغلال الجزء الممتلئ من الكوب بدلاً من البكاء على النّصف الفارغ، لكنّ الأمر أصبح مختلفًا، لقد كنتُ أتحدّث سابقًا كما يتحدّثون، وإذ بي فجأة قد سئمتُ قبول الكوب الممتلئ بالشّاي الأسود بينما أرغب أنا بنصف كوب من المياه النقية العذبة .. سئمتُ الاضطرار .

الاضطرار لعمل لا أريده لأنّني لا أستطيع الحصول على عمل أريده، الاضطرار للذهاب إلى أماكن لا أرغب في التواجد فيها لأنّني لا أستطيع الذهاب إلى حيث أريد، الاضطرار إلى قبول أفكار يقبلها الآخرون لأنّي لا أستطيع تحقيق أفكاري الخاصّة على الواقع، الاضطرار لنمط معيّن من التّعليم لأنّي لا أستطيع الحصول على التّعليم الّذي أحلم به، والاضطرار إلى حياة لا أريدها لأنّني لا أستطيع العيش كما أريد !

لا أعلم إن كان هذا الألم الشّديد يتعلّق بالمرحلة العمرية الّتي أمرّ بها، ففي منتصف عام ٢٠١٣ سوف أكون في الخامسة والعشرين من عمري، وكنتُ قرأتُ بأنّ الإنسان في الخامسة والعشرين يعيد الحسابات في ما حصل عليه في الماضي وما سيحصل عليه مستقبلاً، ولك تخيّل شعور الإنسان الّذي يكتشف بأنّه عاش ماضيه في سلسلة من الاضطرارات ثمّ هو لا يجد مستقبلاً أمامه .

أحيانًا أشعر بأنّني أصبحتُ أنانية حين أفكّر بي وحدي بمعزل عن أيّ شخص آخر مهما كان عزيزًا عليّ، ثمّ أتساءل: ألاّ يحقّ للمرء أن يتصرّف بأنانية أحيانًا حين يتعلّق الأمر بأحلامه ؟ إذا أخذنا في الاعتبار أنّ هذه الأحلام لا تؤذي أحدًا .

كنتُ أتمنّى بأن أسجّل لهذا العام أنّي لم أتمنّى شيئًا، لكنّي سأكون كاذبة لأنّ أحلامي تقفز من بين عينيّ وفمي وقلمي وصوتي وأدواتي، وهي أحلامٌ أكبر منّي بكثير حتّى أنّي لا أعرف إن كنتُ أستحق التّفكير بها أم لا، كما أنّني كنتُ سأفضّل مواصلة العيش دونها لو أنّها لم تحكم سيطرتها علي إلى هذا الحدّ، لكن من يدري، ربّما يحمل لي ٢٠١٣ من الخير أضعاف ما كنت أحلم .. تمامًا كما فعل الله لي دائمًا .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.