منذ قررتُ البدء بالسّفر وأنا مهووسة بخدمة Airbnb حيث يقوم النّاس بتأجير غرف في منازلهم أو بتأجير منازل لا يقيمون فيها بشكل مستمر، كانت فكرة السكن في فندق رسميّ ملغية تمامًا من ذهني ولم أفكر فيها ولا حتّى للحظة، فأسعار الفنادق جنونية بالنّسبة لي والبقاء في فندق متوسط سوف يكلفني ٣٠٠٠ ريال في فترة بقائي تقريبًا، ثمّ إنّني متكيّفة ولستُ متطلّبة وأفضّل القيام بشؤوني الخاصّة، بالإضافة إلى ذلك لم أكن أنوي البقاء في السّكن لوقت طويل، بل أردتُ قضاء الوقت الأكبر في الخارج.
وقررتُ استئجار غرفة تابعة لامرأة عجوز لطيفة في غانغنام، سعر الغرفة في اليوم الواحد ١١٢ ريال تقريبًا، وكان هذا مناسبًا لي.
ثمّ حدث وأن كنتُ أقرأ نصائح حول سفر النّساء المفرد إلى سول، وكانت ضمن هذه النصائح : اسكني في منزل للضيافة حيث تقيمين في غرفة مشتركة مع عدّة فتيات من حول العالم، هذا سيكون مطمئنًا وداعمًا، أعجبتني الفكرة وبدأتُ في البحث عن منازل الضيافة أو Guesthouses في سول ووجدتُ أنّها حاضرة وبكثرة ولها نمط خاص وثقافة محلية، وقررتُ استئجار غرفة في إحدى منازل الضّيافة هذه.
بحثتُ عن هذه المنازل في booking ووجدت خيارات جيدة جدا بأسعار لا تُصدّق! ثمّ حدث في ذلك الوقت أن بدأتُ استخدام خدمة TripAdvisor وتعرّفتُ من هناك على موقع Agoda ومنه قمتُ باستئجار الغرفة الّتي سأقيم فيها.
قمتُ بطلب غرفة مشتركة مع ٣ فتيات أخريات، وأنا أعرف جيدًا بأنّه ليس باستطاعة الجميع فعل ذلك، أقصد العيش المشترك مع أشخاص غرباء، لكنّ الأمر كان سهلاً إلى حدّ ما بالنّسبة لي، وإذا كنتم مهتمّين بالسفر المفرد أو مع أصدقاءكم ولا تشعرون بالحرج من البقاء في هذه المساكن، فأنصحكم بالخوض في هذه التّجربة، تحتوي هذه المساكن أيضًا على غرف فردية أو مزدوجة ويمكن أن تكون خيارًا اقتصاديًا حتّى لو تجنّبتم اختيار غرف الـ dormitory.
كيف تختار سكنًا مناسبًا؟
ترتبط الـhostels والـ guesthouses في أذهان كثير من النّاس بالإهمال وعدم النّظافة ولكنّ هذا غير صحيح دائمًا، من المهمّ أن تبحثوا بشكل جيّد ودقيق عن المسكن المناسب وهذه بعض النّصائح الّتي اعتمدتُ عليها :
١. لا تقوموا بوضع أي فندق حاصل على تقييم أقل من ٧ / ١٠ بعين الاعتبار.
٢. إذا أعجبكم فندق ونال استحسانكم وقمتم بقراءة المراجعات فوجدتم أنّها جيّدة فابحثوا عن الفندق في مواقع أخرى واقرؤوا المزيد من التعليقات حوله واقرؤوا كذلك عن انطباعات النّاس في مدوّناتهم الالكترونية.
٣. من المهم أن تعرفوا حول الفندق كل ما يهمكم، لو اخترتم سكنًا مشتركًا فكم عدد الحمّامات فيه؟ هل يوجد قسم لغسيل الملابس؟ هل يتوفّر طعام الإفطار؟ هل تتوفر مساحة كافية للتخزين؟ ما هو تصميم الحمام من الداخل؟ هل يحسن صاحب المسكن التحدّث بالانجليزية؟
٤. حيث أنّ معظم المجتمعات بما فيها المجتمع الكوري لا تعترف بالشفاطات، فيمكنكم البحث عن مسكن يوفّر كرسي حمام بمرشّات مياه الكترونية.
٥. قوموا بزيارة صفحة الفندق في TripAdvisor لمعاينة صور قام بالتقاطها الزوّار لا إدارة الفندق.
مزايا السكن المشترك:
١. ربّما تكون تكاليف الفنادق أحد أهم أسباب ارتفاع تكاليف السّفر وامتناع العديد من النّاس عنه، تشكّل أسعار التّذاكر سببًا آخرًا ولكنّ خدمات الطيران محصورة بشركات معدودة لها ثقلها الاقتصادي فلا مجال لتخفيضها، أمّا المساكن فهي صناعة في متناول عامّة النّاس ولذلك تتعدّد خيارات الأسعار بشكل أكبر بكثير، ينصدم أصدقائي بشدّة حين أخبرهم بأنّ السكن في كوريا لمدّة ١٦ يوم لم يكلفني أكثر من ٩٠٠ ريال.
لكنّ ذلك ممكن جدًا وبخدمات جيّدة وبأسعار أقلّ حسب تفضيلاتكم وميزانيتكم، توجد المساكن المعروفة بالـ كبسولات أيضًا حيث تقوم باستئجار سرير في غرفة تحتوي على ٢٠ سرير آخر تقريبًا، المسكن أدناه لا يكلّف أكثر من ٢٠٠ ريال في الأسبوع مع الضّرائب وهو حاصل على تقييم ٨.٤ من ١٠.
الصورة من الانترنت
الصورة من الانترنت
٢. تساعد المنازل المشتركة على بقائكم متصلين بالناس حتى حين تسافرون بمفردكم، هناك دائمًا أشخاص بالجوار للتحدّث معهم وللسؤال وللمساعدة وأحيانًا للصحبة. حين احتجت دواءًا للصداع عرضت علي زميلة ماليزية أقراصها – ولكنّي اعتذرت عن استخدامها -، حين فقدتُ جهاز الوايفاي الّذي استأجرته سمحت لي زميلة السكن الفلبينية باستخدام الوايفاي الخاصّ بها، وحين كنت أتأخر عن العودة كانت تصلني رسائل زميلة يابانية تتفقدني وتطلب منّي الحذر.
عيوب السكن المشترك:
انعدام الخصوصية، وهذا شيء واضح ومتوقع بالتأكيد ومن الخطأ أن ألوم السّكن أو ألوم الفكرة ذاتها عليه، ولكنّه يبقى عيبًا جوهريًا خصوصًا حين تستمرّ فترة سكنك لمدّة طويلة مثلما حدث معي.
كانت الحمّامات والغرف يتمّ تنظيفها باستمرار ثلاث مرّات في اليوم، لكنّ غرف الاستحمام تتسخ في ساعة الذروة – الساعة ٧ أو ٨ صباحًا – حيث تستيقظ معظم الفتيات في هذا الوقت وتزدحم بهنّ، فكان علي دائمًا إذا أردت الحصول على حمام جيّد الاستيقاظ مبكرًا عند الساعة الخامسة فجرًا أو متأخرًا بعد الساعة العاشرة صباحًا.
ولأنّ نومي خفيف كنت أستيقظ بسهولة حين تصل إحدى زميلاتي إلى السّكن في ساعة متأخرة وتصبح العودة إلى النّوم صعبة جدًا، كما كانت العودة متأخرًا تسبب لي حرجًا وتوترًا كبيرًا خصوصًا وأنّي أصدر أصواتًا مزعجة حين أتحرّك أو أحرّك الأشياء حولي.
بالنّسبة لرائحة الغرفة، فأتذكّر بأنّي حين وصلت أوّل يوم كانت رائحة الغرفة مزعجة جدًا، فيما بعد عرفتُ بأنّها كانت رائحة خمر، من حسن حظي أن هذه كانت آخر ليلة للفتاتين المتواجدتين فيها.
أيضًا، سكنت معي خلال يومين أو ثلاثة فتاة صغيرة لا أعرف حتّى من أين أتت، وكانت تنبعث منها رائحة غريبة ومنفرة جدًا، في ما عدا ذلك، كانت رائحة الغرفة جيدة حتّى مع ضيقها النّسبي.
وبشكل عام لم أكن أهتمّ كثيرًا بالتفاصيل لأنّني أقضي جلّ يومي في الخارج ولا أعود إلاّ للنوم / الاستحمام.
نصائح عامّة:
١. تذكّر دائمًا .. دائمًا بأنّ معظم النّاس يرغبون في ما ترغب به أنت أيضًا، النظافة والأمان والبقاء في مكان مناسب لبعض الوقت، قد تختلف معهم في تعريف معنى النظافة نعم، قد يوجد بعض الجهلة نعم، الحثالة بالتأكيد، لكن فكّر بهم دائمًا كاستثناء وتوقع النية الحسنة ممّن معك.
٢. اعذر الآخرين حتّى لو أخطؤوا وتسامح معهم، ليس من أجلهم فقط ولكن من أجل تربية نفسك على الصّبر ومن أجل عدم إفساد رحلتك، إذا لم تكن ذا طبيعة متسامحة فإنّ السّكن المشترك ليس مناسبًا لك على الإطلاق.
٣. تقبّل الثقافات المختلفة قدر استطاعتك، إذا كنت من النّوع الّذي يُستفزّ حين يشاهد الآخرين وهم يخالفون مبادؤه الأخلاقية / الدينية حتّى دون أن يسبّبون الأذى، فمن جديد: السّكن المشترك ليس مناسبًا لك.
٤. كن متوازنًا، لا تسمح للآخرين باستغلالك أو اقتحام منطقتك الخاصّة أو الإساءة لك، ولا تملئ نفسك بالشكوك والرهبة والخوف.
هل سأكرّر هذه التّجربة؟ ربّما خلال سفريّات أقصر أو إذا لم يكن لديّ المال الكافي، لكنّي أخطّط لاستئجار غرفة منفردة أو ستديو خلال زيارتي القادمة لسول.
في التدوينة القادمة بإذن الله، سأتحدّث عن الصّداقات الجديدة الّتي اكتسبتها في سول.
أتذكر أنني وقفت عند أستقبال أحد الفنادق التي تقدم خدمة الغرف المشتركة ، كان البهو مليء بأشكال الناس الغريبة ، والغير مألوفة بالنسبة لي ! ، كنت متردداً منذ أن رأيتهم حتى أتت اللحظة التي قدمت لي فيها موظفة الأستقبال المخدة و البطانية ، هنا قلت لا ! ، أستنكرت عملية تقديم المخدة والبطانية في الأستقبال ! ، وللأسف لم أجرب بعدها أي فندق يقدم خدمة الغرف المشتركة ، بالرغم من رغبتي من أجل التجربة فقط ..
تدوينتك غنية بالتجربة ، أشكرك عليها يا إحسان.
ماشاء الله عليكِ يا إحسان، أنا مستحيل أجرب أو حتى أفكر بهذه التجربة 😦
أصلاً فكرة السفر وحيدة توترني جداً، لكن فكرة السكن في منزل أحدهم لبضعة أيام أفكر في تجربتها مع زوجي بإذن الله بعد ما ألقى مكان أصرف فيه البزورة 🙂
استمتعت بالقراءة، شكراً لكِ
أوّل كنت أحسب كل الناس زيي عادي يعني ما فيها شيء خارق xD بس بعدين كثيرين قالوا لي إنو صعب بالنسبة لهم مرة.